إحنا قدّها .. وأكثر
عمان الان -صالح سليم الحموري
في لحظة انتظرها جيلٌ كامل، لم يكن الحلم مجرد تأهل إلى كأس العالم، بل كان أن يسمع العالم نشيدنا، ويرى وجوهنا، ويشاهد الأردن واقفًا في مكانه الطبيعي بين الكبار. لكن فرح الأردنيين مختلف. ليس لأنهم فازوا فقط، بل لأنهم كسروا الحواجز، وتخطّوا المستحيل، وأثبتوا أن الأمل في قلوبهم لا يموت. نحن لا نحتفل بكرة تُركل، بل بتاريخ طويل من الإصرار، بأقدامٍ تدربت على التراب، وقلوبٍ تربّت على الحُلم، وجماهير هتفت حتى في الخسارة، لأنها آمنت أن اليوم آتٍ لا محالة. في لحظة التأهل، لم تهتز المدرجات فقط، بل ارتجّت الشوارع، والمقاهي، والبيوت، والقرى الصغيرة التي تعرف أسماء اللاعبين كما تعرف أسماء أولادها. رمثا هلّلت، والطفيلة زغردت، والكرك رفعت الشماغ، وإربد قرعت الطبول. وعمّان.. كانت أمّ الجميع في تلك الليلة، تحتضن الدموع والفرح، وتوزّع التكبير والزغاريد. هذا الفرح لم يكن عاديًا، لأنه خرج من عمق المعاناة، ومن صبرٍ طويل، ومن شعب لا يرضى أن يُهمّش حلمه، ولا أن يُختصر تاريخه. كل لاعب حمل في قلبه اسم مدينة وقرية… من معان إلى جرش، من السلط إلى إربد، من الزرقاء إلى الأغوار، ومن عمان إلى آخر بيت يرفع العلم. تأهل الأردن إلى المونديال ليس مجرد إنجاز رياضي، بل هو لحظة وطنية نادرة تختصر كل المعاني: الكرامة، والعزيمة، والإصرار. إنه إعلان واضح أن الأردن لا يُقاس بمساحته، بل بثباته. وفي زمنٍ يبحث فيه الناس عن بصيص أمل، جاء النشامى ليقولوا للجميع: وقالوا لكل طفل أردني: “واحنا قدّها… وأكثر.”
|