ورقة سياسات تدعو لدمج السياحة بالثقافة وتوسيع الأسواق لإنقاذ البترا
عمان الان –دعت ورقة سياسات صادرة عن معهد السياسة والمجتمعومركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية تناولت واقع السياحة في مدينة البتراء، إلى ضرورة فصل وزارة السياحة عن الآثار لضمان التوازن بين الحفاظ على المواقع الأثرية وتنمية السياحة، وإلحاقها بوزارة الثقافة لتصبح وزارة الثقافة والآثار، أو إلى الجمع بينها جميعاً لتصبح وزارة الثقافة والسياحة والآثار، للربط بين الهوية الثقافية والتاريخية والصناعات الثقافية من جهة والآثار والسياحة من جهةٍ أخرى.
كما دعت الورقة إلى تطوير تصوّر استراتيجي للسياحة الأردنية يأخذ بعين الاعتبار البيئة الإقليمية المحيطة التي تشهد توترات ومشكلات في كثير من الأحيان، من خلال البحث عن أسواق سياحية جديدة، كالأجانب في الخليج، ودول شرق أسيا وأوروبا[AQ1] الشرقية وروسيا وغيرها.
وتأتي هذه التوصية، لضمان تعزيز دور الوزارة في صون الهوية الوطنية وحماية المواقع التاريخية، إلى جانب أن تطوير القطاع السياحي يتطلب أيضًا أن تكون السياحة جزءًا من صلاحيات البلديات، بحيث تصبح إدارتها أكثر التصاقًا بالمجتمع المحلي، بحسب الورقة.
وأشارت الورقة، إلى أن غياب التنسيق وانتشار أنشطة غير منظمة داخل المنطقة الأثرية يُفاقم التحديات التي تواجه البترا، داعية إلى تنظيم عمل المجتمع المحلي والجهات المختلفة ليكونوا شركاء فعليين في إدارة المرحلة المقبلة.
وحذرت الورقة من أن واقع القطاع السياحي في البترا الذي شهد خلال السنوات الخمس الأخيرة تدهورًا ملحوظًا بفعل الأزمات المتتالية منذ جائحة كورونا والاضطرابات الإقليمية ما أدى إلى عزوف واضح للسياح وانعكس على الاقتصاد المحلي، الامر الذيي يهدد الاستقرار الاجتماعي وواقع التنمية المستدامة في لواء البترا.
وتشير الورقة إلى أن الانكماش الاقتصادي في البترا كواحدة من أهم المعالم السياحية، أدى إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات البطالة التي تجاوزت 23.2، خاصة بين فئة الشباب، وشهدت نسبة إشغال الفنادق تراجعًا يقارب 87% في القدرة الاستيعابية للفنادق، كما أدى الواقع الذي تعيشه المدينة إلى إغلاق حوالي 36% من الفنادق المرخصة في المدينة، مع تسريح أكثر من 700 عامل، ما يعكس أثرًا مباشرًا على الاقتصاد المحلي ومستوى معيشة السكان.
وذكرت الورقة أن المدينة الوردية تواجه تحديات هيكلية مثل ضعف البنية التحتية ونقص الخدمات السياحية الحديثة، بالإضافة إلى محدودية قدرات القوى العاملة المحلية، وغياب استراتيجيات تمويل مستدامة، وأن الجهود الحالية تواجه معضلات متعلقة بنقص التمويل المخصص للتنفيذ الفعلي وصعوبة القدرة على التوسع وتحقيق أثر اقتصادي، إلى جانب بروز الحلول المؤقتة على حساب الحلول الجذرية أو طويلة الأجل.
وأوصت الورقة إنشاء صندوق موازنة وطني لدعم موازنة سلطة إقليم البترا، بما يساهم في تمويل المشاريع السياحية والتنموية، ويعزز استقرار الموارد المالية ويحد من العجز، إضافة إلى تطوير شراكات فعّالة بين القطاعين العام والخاص، وتوسيع التعاون الدولي عبر برامج سياحية مشتركة مع دول الجوار، بحيث يكون الأردن وجهة سياحية رئيسية لا مجرد ممر عبور، بالإضافة إلى الإستثمار في خريجي الجامعات الأردنية من طلبة السياحة والاثار في خطة التنمية، لمعالجة تحديات نقص الكوادر المحلية المدربة في البترا، ويعزز فرصهم في سوق العمل ويخفف نسبة البطالة.
تستند هذه الورقة إلى مخرجات ورشة عمل عُقدت بالشراكة بين معهد السياسة والمجتمع ومركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بعنوان “السياحة في البترا: الفرص والتحديات”، قدّمها د. فارس البريزات، رئيس مجلس مفوضي سلطة إقليم البترا، وشارك في مناقشاتها نخبة من الخبراء والمختصين في قطاع السياحة والسياسات العامة، إلى جانب عدد من الباحثين.